طنجة، المدينة التي طالما شكلت بوابة المغرب نحو العالم تجسد بعمق طموح المملكة نحو الحداثة والتطور، مشاريع ضخمة تم إطلاقها لتعزيز مكانتها كوجهة اقتصادية وسياحية وعلى رأسها القطار الفائق السرعة (TGV)، الذي شكل منذ انطلاقه قفزة نوعية في البنية التحتية للمملكة، هذا المشروع الذي استقبله المغاربة بالتصفيق، أصبح اليوم شرياناً حيوياً يربط بين طنجة وباقي المدن الكبرى، مسهلاً تنقل السياح، رجال الأعمال، والمسافرين المغاربة بين الشمال ووسط المملكة المغربية.
لكن، وسط هذا الإنجاز تقف طنجة أمام مشهد يتنافى مع طموحاتها العالمية نجد مدخل المدينة الذي يشكل الانطباع الأول لزوارها، يعاني من فوضى عمرانية صارخة مثلاً منازل عشوائية تفتقد إلى أدنى معايير الجمالية وأزقة غير منظمة، ووضع بنيوي يعكس غياب التخطيط المحكم، هذه الصورة تصبح أكثر قتامة مع المشهد الذي يصاحب ركاب القطار وهم يقتربون من المدينة، نجد الواد الحار ومجاري الصرف الصحي المكشوفة تمتد بمحاذاة السكة، مشوهة جمال المشروع ومؤثرة على صورة المدينة في أعين كل القادمين إليها لأول مرة.
السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو أين المسؤولون عن هذا الوضع؟ كيف يمكن لمدينة مرشحة لاستضافة كأس العالم أن تسمح باستمرار هذه الاختلالات العمرانية؟ كيف يعقل أن يكون القطار وسيلة تنقل رئيسية للمسؤولين والسياسيين، ومع ذلك يمرون يومياً أمام هذه المشاهد دون أن يحركوا ساكناً؟
إن التحضيرات لاستضافة كأس العالم تستوجب استعدادات على جميع المستويات وليس فقط على مستوى البنية التحتية الرياضية، فالمدن المستضيفة ليست مجرد ملاعب بل هي وجه حضاري يعكس صورة المغرب أمام العالم، وإذا كانت طنجة تطمح فعلاً إلى أن تكون مدينة عالمية كما نريدها، فإن معالجة هذه الاختلالات لم يعد خياراً بل أصبح ضرورة ملحة.
الملايير التي ترصد للمشاريع الكبرى يجب أن تنعكس على المشهد العام للمدينة وعلى جودة الحياة وأيضاً على صورة طنجة التي يفترض أن تكون واجهة مشرفة للمغرب.
اليوم، المسؤولية تقع على عاتق كل من له دور في تدبير الشأن المحلي، من مجالس منتخبة إلى سلطات تنفيذية، لإيجاد حلول عاجلة لهذه الاختلالات، لأن طنجة تستحق أن تكون في مستوى تطلعات أبنائها وطموحات بلد يسعى إلى الريادة.