تواجه مدينة طنجة، إحدى أبرز المدن الساحلية في المغرب، سلسلة من التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر على تطورها واستقرارها. كعاصمة اقتصادية للشمال المغربي وواحدة من المراكز الحضرية الكبرى، تلعب طنجة دورًا هامًا على مستوى التجارة والسياحة والصناعة، إلا أن هذا النمو السريع يصاحبه تحديات كبيرة تستدعي اهتماماً مكثفاً من السلطات المحلية والوطنية.
على الصعيد السياسي، تعاني طنجة من تحديات مرتبطة بالحكامة والتسيير. رغم الجهود المبذولة لتحقيق تنمية شاملة، إلا أن الانتقادات توجه إلى بعض أوجه الإدارة المحلية فيما يخص الشفافية والكفاءة في تنفيذ المشاريع. قد يعاني مجلس المدينة من نقص في التواصل الفعّال مع المواطنين بشأن القرارات والسياسات التي تؤثر على حياتهم اليومية، وهو ما يولد شعوراً بعدم الرضا في بعض الأوساط، حيث يشعر البعض بأن المشاريع الكبرى تركز على مصالح استثمارية وتجارية ولا تلبي بشكل كامل احتياجات السكان المحليين، خاصة في الأحياء الشعبية والهامشية.
المشاكل المتعلقة بالبنية التحتية هي أيضًا من أبرز التحديات التي تواجه المدينة. رغم الإنجازات التي تحققت على صعيد النقل والمرافق الأساسية، إلا أن بعض الأحياء تعاني من نقص في البنية التحتية الأساسية، مثل الطرق والمرافق الصحية والتعليمية. في السنوات الأخيرة، شهدت طنجة طفرة في تشييد المشاريع الكبرى مثل ميناء طنجة المتوسط ومشاريع صناعية كبرى، إلا أن هذه المشاريع لم تساهم دائماً في تحسين الوضع الاجتماعي أو في تعزيز التكامل بين مناطق المدينة، حيث تبقى العديد من الأحياء غير مستفيدة من الاستثمارات التي تتدفق على المدينة.
يُضاف إلى ذلك مشاكل بيئية تؤثر على جودة الحياة في المدينة، مع تزايد الضغط على الموارد الطبيعية والتوسع العمراني غير المخطط له. تعاني بعض الشواطئ والمناطق الخضراء من التلوث الناجم عن النشاط الصناعي وعدم الالتزام بمعايير الحفاظ على البيئة. هذه المشاكل البيئية تتفاقم أيضاً بسبب النمو السكاني السريع الذي تشهده طنجة، والذي يؤدي إلى تزايد الحاجة إلى المرافق والخدمات الأساسية ويضع ضغطاً على إدارة الموارد.
القطاع السياحي، رغم أهميته الاقتصادية الكبيرة، يواجه هو الآخر تحديات تعيق نموه المستدام. ورغم التطور الكبير الذي شهده قطاع الفنادق والمرافق السياحية، فإن المدينة ما زالت تواجه صعوبات في تطوير بنية تحتية سياحية متنوعة تراعي احتياجات مختلف شرائح الزوار. هناك أيضاً تحديات تتعلق بتسويق المدينة كوجهة سياحية ثقافية وتاريخية، وليس فقط كمدينة ساحلية صيفية، مما يمكن أن يسهم في خلق فرص عمل مستقرة للشباب وتقليل الهجرة الداخلية نحو المدن الكبرى.
المشاكل الاجتماعية في طنجة تظل قائمة، إذ تعاني المدينة من انتشار البطالة والفوارق الاجتماعية التي تؤدي إلى تفاقم مشكلات مثل السكن العشوائي والتسرب المدرسي. ورغم الجهود التي تبذلها الدولة لتحسين الخدمات وتوفير فرص للشباب، إلا أن هذه المشكلات تتطلب استراتيجية متكاملة تعالج القضايا من جذورها، وتعزز دور المجتمع المدني في المشاركة في إيجاد الحلول.
في ضوء هذه التحديات، تحتاج طنجة إلى رؤية سياسية واضحة تأخذ بعين الاعتبار حاجات سكانها وتنظم عملية التنمية بشكل متوازن.