مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية، تجد الجالية المسلمة نفسها أمام تساؤلات عديدة حول من سيكون الخيار الأفضل لتحقيق تطلعاتها وحماية مصالحها في ظل مناخ سياسي منقسم وأحيانًا معادٍ. الخيارات الأساسية التي تطرح نفسها في هذا السياق هي بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب، المعروف بمواقفه المحافظة وشعاراته “أميركا أولاً”، ومرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، التي تروج لقيم المساواة والعدالة الاجتماعية والتي قد تصبح أول امرأة مسلمة تتولى الرئاسة إذا فازت. لكن ماذا يريد المسلمون الأميركيون من هذه الانتخابات، وما القضايا التي تشغلهم حقًا؟
يرغب المسلمون الأميركيون في سياسات تحمي حقوقهم المدنية وتكافح العنصرية المتزايدة التي واجهها المجتمع بشكل خاص خلال العقود الماضية. فخلال فترة حكم الرئيس السابق ترامب، أُقرّ ما عرف بـ”حظر السفر” الذي استهدف مواطني بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة، مما أدى إلى تصاعد القلق بشأن السياسات التمييزية تجاه المسلمين. إضافة إلى ذلك، شهدت فترته ارتفاعًا في حوادث الكراهية والتحريض ضد الأقليات، بما في ذلك المسلمون. وبالتالي، يتطلع الكثيرون في الجالية إلى مرشح يلتزم بمكافحة العنصرية ويقف بحزم ضد سياسات التمييز التي تؤثر على حياتهم اليومية وتقلق مستقبل أبنائهم.
القضايا الاقتصادية والتعليمية والصحية تمثل أولوية أخرى للمسلمين الأميركيين، مثلهم مثل بقية المواطنين. غالبية المسلمين في الولايات المتحدة ينتمون إلى الطبقة المتوسطة أو ذات الدخل المحدود، وهم يطمحون إلى فرص اقتصادية أفضل وسياسات تسهم في تحسين مستوى المعيشة. وتحتل الرعاية الصحية مكانة مهمة بالنسبة للجالية، خاصةً وأنها تسعى لتحسين فرص الحصول على خدمات صحية ذات جودة في متناول الجميع. لذلك، فإن الكثير من المسلمين يميلون إلى دعم سياسات هاريس الديمقراطية التي تركز على التوسع في الرعاية الصحية والتعليم العام، بما يعزز فرص تحسين مستوى الحياة للجميع.
من ناحية أخرى، الأمن القومي والسياسة الخارجية هما من القضايا التي تشغل اهتمام الجالية المسلمة. المسلمون في الولايات المتحدة يراقبون عن كثب مواقف المرشحين إزاء الصراعات في الشرق الأوسط، ويرغبون في رئيس يتبنى سياسات عادلة ومتوازنة تساهم في حل النزاعات دون تغذية التوترات أو التسبب في معاناة إضافية لشعوب المنطقة. وبالنظر إلى ارتباطات الجالية الوثيقة ببعض دول الشرق الأوسط، فإن دعم السياسات التي تحترم الحقوق الدولية وتساهم في الاستقرار العالمي هو أمر جوهري.
ورغم اهتمام المسلمين الأميركيين المتزايد بهذه القضايا، فإنهم يواجهون تحديات سياسية تتعلق بضعف التمثيل السياسي وعدم التأثير الكبير في الساحة الانتخابية مقارنة بجاليات أخرى. ومع ذلك، فإنهم باتوا أكثر انخراطًا في السياسة الأميركية من خلال دعم المرشحين المحليين الذين يعبرون عن تطلعاتهم. يتجلى ذلك في تزايد عدد الناخبين المسلمين المسجلين وإقبالهم على المشاركة في الانتخابات على مستويات متعددة، في محاولة لتوصيل صوتهم والمساهمة في صنع القرار.
بعض الناخبين المسلمين يشعرون بالانجذاب نحو هاريس لقيمها الديمقراطية وللرسائل الإيجابية التي توجهها نحو الأقليات، بينما قد يرى آخرون أن سياسات ترامب الاقتصادية تتناسب مع أولوياتهم التجارية وتطلعاتهم للضرائب المخفضة. لكن في المجمل، يتطلع المسلمون الأميركيون إلى رئيس يحترم حقوقهم المدنية، ويتبنى سياسات داخلية تحترم التعددية، وسياسته الخارجية تأخذ في الاعتبار مصالح شعوب المنطقة وتخفف من النزاعات، بعيداً عن التمييز.