تعاني مدينة طنجة من تحديات بيئية متزايدة نتيجة للتوسع العمراني السريع والنمو الصناعي الذي تشهده في السنوات الأخيرة حيث أدى هذا التطور إلى تدهور جودة الهواء والماء والتربة في مناطق عديدة من المدينة مما يشكل تهديدًا كبيرًا على صحة السكان وعلى المنظومة البيئية بشكل عام، فقد أصبحت طنجة نقطة جذب للمشاريع الاستثمارية والصناعية بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي ووجود ميناء طنجة المتوسط الذي يعتبر من أكبر الموانئ في إفريقيا، إلا أن هذا التوسع الصناعي ترافق مع زيادة انبعاثات المصانع وتلوث الهواء مما أثر على جودة الحياة في المدينة وخلق مخاوف لدى السكان حول المخاطر الصحية الناتجة عن التلوث.
كما أن الكثافة السكانية المتزايدة زادت من استهلاك الموارد وتوليد النفايات وهو ما ساهم في الضغط على مرافق إدارة النفايات والنقص في إمكانيات تدويرها بفعالية مما أدى إلى انتشار النفايات الصلبة في بعض المناطق السكنية والصناعية وتلوّث المسطحات المائية المحيطة بالمدينة وبخاصةً على مستوى الشواطئ التي تعاني من التلوث الناتج عن الصرف الصحي والمخلفات الصناعية ما يشكّل تهديدًا للسياحة البحرية التي تعتبر إحدى دعائم الاقتصاد المحلي.
كما تواجه طنجة تحديات في الحفاظ على المناطق الخضراء والمساحات الطبيعية المحيطة بها إذ أن التوسع العمراني المتسارع على حساب المناطق الزراعية والغابات أدى إلى تراجع الغطاء النباتي ما زاد من حدة تأثيرات التغير المناخي وقلل من المساحات التي تساهم في تنقية الهواء وامتصاص ثاني أكسيد الكربون.
لمواجهة هذه التحديات يتحمل الجميع في طنجة مسؤوليات مشتركة بدءًا من السلطات المحلية التي ينبغي أن تضاعف جهودها في مراقبة الأنشطة الصناعية وتشديد العقوبات على المخالفين لقوانين البيئة إلى جانب تنفيذ برامج تهدف إلى حماية المناطق الخضراء وإقامة مساحات جديدة يمكن أن تعمل كمصدات طبيعية للتلوث كما أن المجتمع المدني له دور أساسي في التوعية البيئية وتنظيم حملات لرفع الوعي حول مخاطر التلوث والتشجيع على ممارسات الاستدامة مثل إعادة التدوير والحد من استهلاك البلاستيك من جهة أخرى يجب على الشركات أن تتحمل مسؤوليتها الاجتماعية عبر اعتماد تقنيات صديقة للبيئة وتقليل النفايات الصناعية والانبعاثات الغازية التي تؤثر سلبًا على البيئة وصحة السكان.
إن مستقبل طنجة البيئي يعتمد بشكل كبير على اتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة للحفاظ على الموارد الطبيعية وحماية النظام البيئي المحلي ويتطلب هذا جهودًا مشتركة وتنسيقًا بين القطاعين العام والخاص لتحقيق تنمية مستدامة تمكن من الحفاظ على جاذبية المدينة كوجهة اقتصادية وسياحية وتجعلها نموذجًا للمدن المغربية التي توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.