أمانديس.. متى يتوقف الاستنزاف؟
تشهد مدينة طنجة موجة غضب عارمة بسبب الارتفاع الصادم في فواتير الماء والكهرباء، حيث باتت شركة “أمانديس” عنوانًا لمعاناة يومية تثقل كاهل المواطنين الذين لم يعودوا قادرين على تحمل هذا الاستنزاف المستمر لجيوبهم، كل شهر، يجد سكان طنجة أنفسهم أمام فواتير خيالية لا تعكس استهلاكهم الحقيقي وكأن الأمر أصبح سياسة ممنهجة لضرب القدرة الشرائية للمواطنين دون حسيب أو رقيب.
الأزمة ليست وليدة اليوم، فقد ظلت فواتير “أمانديس” تثير الجدل على مدى سنوات، لكن ما يحدث اليوم تجاوز كل الحدود، حيث أصبح من غير المفهوم كيف تتضاعف المبالغ بهذا الشكل الفاحش دون أي تبرير منطقي، كيف يعقل أن ترتفع الفواتير في ظل استهلاك ثابت، بل إن هناك من تلقى فواتير خيالية رغم غيابه عن منزله؟ هل أصبح المواطن مجرد رقم في معادلة الربح التي تعتمدها الشركة؟ أم أن الهدف هو دفع السكان إلى حالة من الاحتقان الاجتماعي؟
الأسئلة تتزايد لكن الأجوبة غائبة، والجهات المسؤولة تلتزم الصمت وكأن الأمر لا يعنيها.. أين هي الرقابة؟ أين هو المجلس الجماعي الذي يفترض أن يكون صوت المواطنين في مواجهة هذه التجاوزات؟ لماذا لا يتم فتح تحقيق شفاف حول طريقة احتساب هذه الفواتير التي باتت بمثابة عقاب جماعي لسكان المدينة؟ أم أن المواطن مطالب فقط بالدفع والصمت، بينما تواصل الشركة نهجها دون أي مساءلة؟
هذا الاستفزاز الممنهج للمواطنين لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية، الاحتجاجات التي شهدتها المدينة في السابق ضد “أمانديس” كانت رسالة واضحة بأن الصبر له حدود، لكن يبدو أن الشركة لم تستوعب الدرس بل إنها تعود اليوم بنفس الأساليب وكأنها تختبر مدى قدرة الناس على التحمل، هل المطلوب أن تنفجر الأوضاع من جديد حتى تتحرك الجهات المسؤولة؟ هل يجب أن تعيش طنجة سيناريو الفوضى مرة أخرى حتى يدرك المعنيون بالأمر أن الضغط يولّد الانفجار؟
إن استمرار هذا الوضع دون حلول جذرية يعني أن الدولة والمجالس المنتخبة تعطي الضوء الأخضر لشركة “أمانديس” لمواصلة سياستها الجائرة في نهب جيوب المواطنين، على السلطات المعنية أن تتحمل مسؤولياتها كاملة قبل أن تصل الأمور إلى نقطة اللاعودة، لم يعد مقبولًا أن يظل المواطن هو الحلقة الأضعف في مواجهة شركات لا ترى فيه سوى فرصة لتحقيق الأرباح.
طنجة ليست للبيع، وساكنتها ليست لقمة سائغة لشركة أثبتت مرارًا وتكرارًا أنها لا تهتم إلا بموازنتها المالية ولو كان الثمن هو سحق البسطاء وإفقارهم.
المطلوب اليوم ليس بيانات التبرير أو وعود التسويف، بل حلول ملموسة وعاجلة تضع حدًا لهذا النزيف إما أن تتحرك الجهات المسؤولة وتفرض رقابة حقيقية على “أمانديس”، أو أن تتحمل عواقب صمتها وتجاهلها لمطالب المواطنين.
طنجة تستحق عدالة اجتماعية وساكنتها تستحق معاملة تحترم كرامتهم وحقهم في العيش بكرامة أما سياسة الاستنزاف هذه، فلا يمكن أن تستمر إلى الأبد.