في خطوة استراتيجية تحمل دلالات سياسية واقتصادية عميقة، أعلن المغرب رسميًا عن افتتاح معبر حدودي جديد مع موريتانيا، وهو ما يُشكل تطورًا نوعيًا في تعزيز حضوره القاري وترسيخ دوره كبوابة رئيسية بين شمال وغرب إفريقيا. هذه الخطوة تأتي في سياق سياسة المملكة الرامية إلى توطيد العلاقات الاقتصادية والتجارية مع عمقها الإفريقي، وجعل مشاريعها الكبرى في المنطقة أكثر فاعلية وتأثيرًا.
المعبر الجديد، الذي وُصف بـ”الحلقة المفقودة” في الربط البري بين المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء، يُتوقع أن يُحدث نقلة نوعية في التبادل التجاري، ويُعزز التدفقات الاقتصادية والسياحية بين الجانبين. كما يُنظر إليه كجزء من رؤية أشمل تهدف إلى تحويل جنوب المغرب إلى مركز اقتصادي إقليمي مستفيدًا من مشاريع البنية التحتية الكبرى، وعلى رأسها ميناء الداخلة الأطلسي، الذي يُنتظر أن يكون بوابة رئيسية للتجارة الإفريقية.
التحليل الأولي لهذا التطور يشير إلى أن الطريق الجديد لن يكون مجرد منفذ إضافي، بل قد يصبح عنصرًا محوريًا في إعادة تشكيل خارطة التبادلات التجارية بين المغرب ودول الساحل، مما يجعله نقطة جذب استراتيجية. فبينما يرى البعض أن هذا المشروع يأتي كخطوة تكميلية للميناء الأطلسي، يذهب آخرون إلى اعتباره مكسبًا اقتصاديًا قد يُغير موازين القوى اللوجستية والتجارية في المنطقة.
في سياق هذا الحدث، لم يخلُ تصريح وزير النقل المغربي من لمسة من الفكاهة السياسية، حيث قال: “حاليًا، لن يحتاج المغاربة إلى الرحلة الطويلة عبر الصحراء للوصول إلى إفريقيا، فالأفارقة سيأتون إلينا!”، في إشارة واضحة إلى الدور المحوري الذي يسعى المغرب إلى لعبه كوجهة رئيسية للتجارة والاستثمارات الإفريقية.
مع هذا الإنجاز، يعيد المغرب رسم حدود النفوذ الاقتصادي في المنطقة، محوّلًا جيرانه إلى شهود على ديناميكيته المتسارعة في تحقيق أهدافه الاستراتيجية. ومن خلال هذا المعبر، لا يعزز المغرب فقط روابطه الإفريقية، بل يثبت مجددًا قدرته على ترجمة رؤاه الطموحة إلى مشاريع ملموسة ترسّخ مكانته كقوة إقليمية صاعدة.