في سياق النقاشات العالمية حول سبل مواجهة تحديات الصحة العامة، دعا طبيب القلب البريطاني جون دينفيلد، خلال مشاركته في الندوة العالمية للدبلوماسية الصحية المنعقدة بالدار البيضاء، إلى اعتماد مقاربة أكثر واقعية في التعامل مع التدخين، تقوم على تقليص المخاطر بدل الاقتصار على الدعوة إلى الإقلاع التام. واعتبر أن هذا التحول يمثل نقلة نوعية في السياسات الصحية، تضع الوقاية في صلب الاهتمام بدل العلاج.

وافتتحت الندوة بكلمة ألقتها الدكتورة إيمان قنديلي، شددت فيها على أن مفهوم الصحة يتجاوز حدود مكافحة الأمراض ليشمل التعليم والثقافة والتمويل والأمن الغذائي وأزمة المياه وحتى التغير المناخي. وأكدت أن الدبلوماسية الصحية يجب أن تتحول إلى رافعة للتعاون المشترك بين دول الجنوب والشمال، من أجل مواجهة التحديات الكبرى بشكل جماعي ومتضامن.

وخلال مداخلته، أوضح الدكتور دينفيلد أن الضغوط المتزايدة على الأنظمة الصحية، الناتجة عن الشيخوخة السكانية وانتشار الأمراض المزمنة، تجعل من الوقاية الخيار الأكثر فعالية لمواجهة هذه التحديات. وقال إن تقليص المخاطر المرتبطة بالتدخين يمثل نموذجاً واضحاً على ذلك، حيث يمكن لإجراءات بسيطة، إذا ما تم اعتمادها في وقت مبكر وبشكل مستدام، أن تحقق نتائج صحية ملموسة على المدى الطويل.
ورغم تأكيده على أن الإقلاع التام عن التدخين يبقى الخيار الأمثل، إلا أن الخبير البريطاني شدد على أن توفير بدائل أقل ضرراً قد يشكل حلاً عملياً للمدخنين غير القادرين على التوقف بشكل نهائي، معتبراً أن هذا التوجه يندرج ضمن استراتيجية واقعية لتقليص الأضرار. ولإثبات وجهة نظره، استشهد بالتجربة السويدية التي أظهرت تراجعاً كبيراً في المخاطر الصحية لدى الرجال الذين استبدلوا السجائر بمنتجات نيكوتين فموية، مقارنة بالنساء اللواتي لم يلجأن إلى هذه البدائل.
واختتم دينفيلد مداخلته بدعوة الحكومات إلى جعل تقليص المخاطر جزءاً محورياً من استراتيجياتها الصحية، مبرزاً أن أي خطوة تقلل من استهلاك السجائر القابلة للاحتراق تُعد مكسباً مهماً ينعكس مباشرة على صحة المواطنين.

