أبيدجان – أكد محمد رفقي الأمين العام لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، أن الإسلام المعتدل والوسطي في إفريقيا هو الرسالةالجوهرية التي ينبغي لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة أن تنقلها داخل ربوع القارة الإفريقية.
وجاء ذلك في كلمته الختامية في أبيدجان، لأشغال الندوة الدولية التي نظمها المجلس الأعلى للأئمة والمساجد والشؤون الإسلامية بالكوتديفوار ومؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، في موضوع، “الرسالة الخالدة للأديان” والتي اختتمت باعتماد “إعلان السلام” الموسومباسم “إعلان أبيدجان” .
وأضاف أن كل الأطراف المشاركة في الندوة من المسلمين والمسيحيين أرادوا تخليد أعمالهم المشتركة – من الناحية التاريخية– من خلالإعلان هو: “إعلان أبيدجان“، وهو يشكل برنامجا طموحا، مشحونا بالأمل والعواطف من أجل الكوت ديفوار ومجموع أفريقيا كلها.
وأشار الى أن المشاركين، الموقعين على هذا النداء، يتعهدون رسميا بالسهر على أن يكون الحوار والعيش المشترك بين أتباع كل الأديانمؤسسين بطريقة مستدامة، في إطار احترام القانون، وكل المعتقدات والممارسات الدينية، وكذا في إطار من حرية الضمير وممارسة العبادة،مبرزا أن جوهر هذا النداء، هو أن نلامس مباشرة الحقائق الأساسية التي ينبغي أن تؤطر مستقبل مجتمعاتنا الإفريقية.
وأوضح في هذا الخصوص أن الأسرة ينبغي أن تضطلع بدورها بشكل تام وبمسؤولياتها في التربية الأخلاقية والدينية للأطفال، تربيةتعطي فرصة للطفل كي ينشأ تنشئة عقلانية من دون أحكام مسبقة، وهو ما يجعل من حياته الخاصة ومن علاقته مع الآخر نشيدا للحب، لأنالنمو يعني أيضا أن ينمو في إطار من تناغم العلاقات الإنسانية.
وأضاف أنه لا بد ثانيا، من مدرسة مؤهلة لأن تجعل الحس الإنساني يتفتح لدى التلميذ، فيفتح قلبه، وعقله وفكره، وحبه لوطنه، وكذا معنىالمقدس الذي ينبغي أن يترسخ لديه. فأن تكون مسؤولا عن حياتك الخاصة، هذا يعني أن تستشعر أيضا أنك مسؤول تجاه الناس الآخرين،معتبرا أن التربية على السلم، ومواجهة كل أنواع الإقصاء، ينبغي أن تكون حاضرة في جميع البرامج التعليمية في أسلاك التربية والتكوين.
وأشار محمد رفقي الى أن التجذر في الثقافة الإفريقية الخاصة وفي المعتقد الخاص والمجتمع الخاص، ينبغي أن يصاحبه على الدوامانفتاح نحو الآخرين. فبالنسبة لأي مجتمع تبقى الديانة مدعوة إلى أن تترجم الى أفعال حقيقية للخلاص، تتولد من جمالية الروح ومن الرحمةالتي يمكن أن يظهرها المؤمن تجاه الآخر.
وحرص على التنويه والإشادة بالاهتمام الكبير الذي يوليه أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس مؤسسة محمد السادسللعلماء الأفارقة، والرئيس الإيفواري الحسن واتارا للإشكاليات التي ناقشها المشاركون، مضيفا أن جلالة الملك محمد السادس والرئيسواتارا حرصا دوما على التزامهما القوي لصالح قيم السلام والتنمية بإفريقيا المتعددة الثقافات والمتميزة بالسلام الروحي وبالطمأنينةوالصفاء الذي يسكن طبعا قلوب الأفارقة.
وأكد من جهة أخرى أن استدامة ممارسات العبادة والحفاظ على الهوية ونشر قيم التسامح، المؤسسة على مبادئ الاعتدال والوسطيةستوطد لا محالة الوحدة والتضامن بين المجتمعات الإفريقية.
كما أبرز أن مجموع المشاركين مسلمين ومسيحيين عبروا عن إرادة حقيقية لرفع التحديات، مدركين أنه من المستحيل الذهاب قدما، إذا كانكل واحد منغلقا في إطار وضعيته الثابتة، فبدون الآخر، وبدون القرب الصادق معه، لا يمكن لهبات السماء، أن تنفتح لنا مطلقا.
وجرى الحفل الختامي للندوة بحضور وزير الداخلية والأمن الإيفواري، فاغوندو ديوماندي ، ممثلا للرئيس الإيفواري، والمستشار الخاصلرئيس الجمهورية المسؤول عن شؤون العبادة والشؤون الاجتماعية، إدريسا كوني، ورئيس المجلس الأعلى للأئمة والمساجد والشؤونالإسلامية بالكوت ديفوار عثمان دياكيتي، والقائم بالأعمال بالسفارة المغربية بأبيدجان صلاح زروال الإدريسي، وعدة شخصيات أخرى.
يذكر أن هذه الندوة الدولية شكلت ملتقى كبيرا جمع باحثين وخبراء مسلمين ومسيحيين من مختلف البلدان الإفريقية، بمشاركة أزيد من600 مشارك من بينهم قيادات وشخصيات دينية وازنة، ورؤساء وأعضاء فروع المؤسسة ال 34.
وناقشت الندوة في محور ”الأسرة والمدرسة“ الدور الذي يمكن أن تضطلع به التربية الأسرية في بناء الهوية الدينية المنشودة القادرة علىالانفتاح على الآخر وتقبله.
وفي ما يخص المحور الثاني “المجتمع المدني الإيفواري والإفريقي” فبحث قدرة المجتمع المدني الإيفواري والإفريقي على صيانة التماسكبين مختلف الأديان والمعتقدات بهدف تشكيل تحالفات متينة وبرامج ضامنة للسلم الاجتماعي، وهو ما يفرضه التعدد الديني والثقافي فيالمجتمعات الإفريقية.
وتطرق المحور الثالث “تكوين الأطر الدينية” الى كون الحقل الديني، في الكوت ديفوار، كما في كل البلدان الإفريقية يتسم بتعددية غنيةتفضي حتما إلى تعدد المؤطرين والفاعلين في هذا المجال، وهو ما يستدعي التحاور والعمل سويا من أجل تجاوز الانتماءات والإنزواءاتالسلبية.
أما المحور الرابع ”الأديان والتواصل والوعظ“ فناقش دور الإعلام الديني بمختلف توجهاته ومشاربه في تعزيز قيم الحوار، وإشاعة ثقافةالسلم وتقبل الآخر، كما ساءل قدرته في صياغة وإعداد ونشر مادة إعلامية تحث على التسامح والتضامن والعيش المشترك.
وبخصوص المحور الخامس ”السلطات العمومية والفاعلون الدينيون في مواجهة ظاهرة التطرف الديني العنيف“ فتناول أسباب ونتائجظاهرة انتشار التطرف الديني الذي يتبنى العنف في التعبير عن وجوده الظاهرة، ووجهات نظر الفاعلين الدينيين المسلمين والمسيحيين حولالمشكلة من أجل تقريب الرؤى حول الحلول الناجعة للحد من انتشار الظاهرة.