يعتبر يوم الجمعة مناسبة خاصة لدى المغاربة، ليس فقط لكونه يومًا دينيًا ذا مكانة عظيمة في الإسلام، بل أيضًا لارتباطه بعادات وتقاليد متجذرة في المجتمع. يكتسي هذا اليوم طابعًا مميزًا يجمع بين الروحانيات، الاجتماعية والاحتفالية، حيث يستغل المغاربة الفرصة للتقرب إلى الله، تعزيز الروابط الأسرية، والالتزام بالعادات الثقافية التي تتوارثها الأجيال.
يشكل أداء صلاة الجمعة أبرز الطقوس الدينية لهذا اليوم. يتوجه المغاربة في وقت الظهيرة إلى المساجد لأداء هذه الصلاة الجماعية التي تحمل دلالات روحانية عميقة، حيث يستمعون إلى خطبة الجمعة التي تتناول مواضيع دينية واجتماعية هامة. وتعد الصلاة فرصة للتواصل بين أفراد المجتمع، حيث يتجمع المصلون من مختلف الأعمار والمستويات الاجتماعية في جو من الإخاء والتآزر.
إلى جانب الجانب الديني، يعتبر يوم الجمعة مناسبة لتناول وجبات تقليدية مميزة. يُحضر المغاربة غالبًا طبق “الكسكس” الشهير الذي يتربع على مائدة الغذاء في أغلب البيوت المغربية بعد صلاة الجمعة. يُعد الكسكس رمزًا للكرم والتقاسم، حيث يجتمع أفراد العائلة حول المائدة في جو أسري حميمي. تختلف طرق إعداد هذا الطبق حسب المناطق، لكنه يظل الوجبة المفضلة في هذا اليوم.
تتجلى مكانة يوم الجمعة عند المغاربة في الاهتمام الخاص الذي يولونه للجانب الروحي. قبل صلاة الجمعة، يكثر الناس من قراءة القرآن، وخاصة سورة الكهف، لما فيها من بركات وفوائد. كما يحرص الكثيرون على زيارة القبور والدعاء للأموات، سائلين الله الرحمة والمغفرة لأحبائهم الذين رحلوا.
في بعض المناطق الريفية، يعزز يوم الجمعة الروابط الاجتماعية بين الجيران والأصدقاء، حيث يتبادلون الزيارات أو يتجمعون في الساحات العامة بعد الصلاة لتبادل الأحاديث حول مواضيع الحياة اليومية.
يرتدي الكثير من المغاربة في هذا اليوم الملابس التقليدية، مثل “الجلباب” و”القفطان”، للتأكيد على أهمية هذا اليوم والارتباط بالتراث الثقافي. يضيف هذا اللباس لمسة من الجمال والتميز على أجواء يوم الجمعة، ويعزز شعور الفخر بالهوية الوطنية.
إلى جانب البعد الديني والاجتماعي، يمثل يوم الجمعة فرصة لأخذ قسط من الراحة بعد أسبوع من العمل والدراسة. تستغل العديد من الأسر هذا اليوم للاستمتاع بلحظات هادئة في المنزل أو القيام برحلات قصيرة إلى الطبيعة، مع الحرص على تجديد النشاط والاستعداد لأسبوع جديد.
ويبقى يوم الجمعة عند المغاربة يومًا يجمع بين الروحانيات، العادات الغذائية، والتقاليد الاجتماعية، ليشكل بذلك جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية والدينية للشعب المغربي. في ظل التغيرات العصرية، تظل هذه العادات والتقاليد حاضرة بقوة، حيث تحافظ على استمرارية الروابط الأسرية والاجتماعية، وتعزز شعور الانتماء لهذا الوطن وتراثه العريق.