في خطوة لافتة، يعتزم تحالف “إفريقيا الذكية”، وهو منظمة حكومية تضم 40 دولة، إطلاق مجلس للذكاء الاصطناعي خلال الأسابيع المقبلة في العاصمة الرواندية كيغالي. ويهدف هذا المجلس إلى تنسيق الجهود الإفريقية في هذا المجال، مع التركيز على التدريب والتطوير لضمان بناء أنظمة ذكاء اصطناعي تلبي احتياجات القارة، بما يساعد على تضييق الفجوة الرقمية بينها وبين بقية دول العالم، وفقًا لما أوردته وكالة الأناضول.
وتأتي هذه المبادرة في سياق التنافس الدولي حول تقنيات الذكاء الاصطناعي، خاصة أن 60% من سكان القارة لا يمكنهم الولوج إلى الإنترنت، في حين أن إفريقيا لا تمتلك سوى 2% من إجمالي البيانات المتاحة عالميًا في هذا المجال، وفقًا لتصريحات وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، التي نقلتها وكالة الأناضول. هذا الواقع يبرز مدى صعوبة المهمة التي تواجهها الدول الإفريقية، والتي لا تقتصر فقط على تبني الذكاء الاصطناعي، بل تمتد إلى ضرورة بناء بنية تحتية رقمية قوية قادرة على دعم هذه التقنيات.
رغم الجهود المبذولة، لا تزال العديد من الدول الإفريقية مستهلكة لتقنيات الذكاء الاصطناعي بدلاً من أن تكون منتجة لها. ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، منها ضعف البنية الرقمية وعدم توفر الإنترنت بشكل كافٍ، وغياب ثقافة التكنولوجيا وعدم إدماج الذكاء الاصطناعي في القطاعات المختلفة، بالإضافة إلى نقص الاستثمارات في البحث العلمي والتطوير. كما أن التبعية التكنولوجية تشكل عائقًا كبيرًا، حيث يتم تخزين البيانات الإفريقية على منصات غربية مثل “غوغل” و”أمازون”، ما يجعل القارة غير مستقلة رقميًا ويهدد سيادتها على بياناتها الخاصة، بحسب تقرير لوكالة الأناضول.
ومع ذلك، فإن القارة الإفريقية تمتلك إمكانات هائلة يمكن استغلالها لدعم التحول الرقمي، خاصة في مجالات مثل الزراعة، والصحة، والتعليم. بعض الدول، مثل موريشيوس، ومصر، وجنوب إفريقيا، والمغرب، بدأت تُحرز تقدمًا ملحوظًا في هذا المجال، وتسعى لتطوير استراتيجيات وطنية للذكاء الاصطناعي، وفقًا لتقرير جامعة أكسفورد لعام 2024 حول جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي، والذي استشهدت به وكالة الأناضول في تغطيتها.
وتشير التقديرات، التي نقلتها وكالة الأناضول، إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساهم بـ1500 مليار دولار في الاقتصاد الإفريقي، أي ما يعادل 6% من الناتج المحلي الإجمالي للقارة، إذا تم استغلاله بالشكل الصحيح. غير أن هذا لن يتحقق إلا من خلال تعزيز التعاون بين الدول الإفريقية لمشاركة الخبرات وبناء مشاريع مشتركة، وزيادة الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية والتعليم التقني، ووضع سياسات واضحة تضمن الاستخدام الآمن والمسؤول للذكاء الاصطناعي.
إن مستقبل إفريقيا في مجال الذكاء الاصطناعي لا يزال محفوفًا بالتحديات، لكنه أيضًا مليء بالفرص. فبقدر ما تواجه القارة عقبات كبيرة، فإنها تمتلك موارد بشرية وطبيعية ضخمة، ويمكنها، من خلال التخطيط السليم والشراكة الفعالة بين دولها، أن تلحق بركب الثورة الرقمية وتضع الذكاء الاصطناعي في صلب استراتيجياتها التنموية، كما خلص إليه تقرير وكالة الأناضول.