أصدرت المحكمة الإدارية الابتدائية بطنجة، يوم الثلاثاء 6 ماي 2025، حكمين قضائيين في ملفين يتعلقان باستيلاء غير قانوني على عقارات خاصة بمنطقة العوامة، قضت من خلالهما بإلزام جماعة طنجة بأداء تعويضات مالية بلغ مجموعها 2.321.000 درهم (أي ما يفوق 232 مليون سنتيم)، لصالح كل من ورثة المواطن “عبد السلام ب.” والسيدة “السعدية ا.”، بعد تمرير طريق عمومية تُدعى “ذات البحرين” فوق أراضيهم دون استكمال الإجراءات القانونية لنزع الملكية.
وبحسب الحكم الأول، قضت المحكمة بأداء 1.276.000 درهم لفائدة ورثة “عبد السلام ب.”، نظير فقدهم الجبري لمساحة قدرها 1276 مترًا مربعًا من عقارهم الواقع بدوار الديموس، التابع ترابيًا لمقاطعة بني مكادة. وقد رفضت المحكمة باقي الطلبات المتعلقة بمساحة إضافية تبلغ 857 مترًا مربعًا، على اعتبار أن الشروط القانونية لم تُستوفَ بشأنها.
أما الحكم الثاني، فصدر لفائدة السيدة “السعدية ا.”، حيث أمرت المحكمة جماعة طنجة بأداء تعويض بقيمة 1.045.000 درهم، بعد أن تم تمرير جزء من الطريق نفسها فوق عقارها، دون اتباع المساطر المنصوص عليها في مرسوم نزع الملكية أو أي تعويض مسبق، ما اعتُبر “اعتداءً مادّياً موجِبًا للتعويض”. في المقابل، رفضت المحكمة المطالبة بالتعويض عن جزء آخر من العقار مساحته 442 مترًا مربعًا.
ووفق ما أفادت به مصادر خاصة لـ”أنفوسوسيال”، فإن الجماعة الحضرية لطنجة قامت بإنجاز أشغال طريق عمومي فوق أملاك الغير، دون أن تلتزم بمقتضيات الظهير الشريف المنظم لنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت، ما يشكل خرقًا صريحًا للفصل 35 من الدستور المغربي، الذي ينص على أن “حق الملكية مضمون”، إلى جانب مخالفة الفصل 6 من قانون نزع الملكية والفصل 79 من قانون الالتزامات والعقود، مما اعتبرته المحكمة “خطأً مرفقيًا”.
وتعيد هذه الأحكام إلى الواجهة التحديات التي تواجهها جماعة طنجة في تدبير مشاريع البنية التحتية، لا سيما ما يتعلق بغياب احترام المساطر القانونية الخاصة بنزع الملكية، الأمر الذي ترتب عنه أعباء مالية إضافية تثقل كاهل ميزانية الجماعة.
كما تأتي هذه التطورات في وقت تُراهن فيه المدينة على إنجاح أوراش التهيئة الكبرى، استعدادًا لتنظيم تظاهرات قارية ودولية من حجم كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم لكرة القدم 2030، ما يستوجب تنفيذ مشاريع توسعة الطرق والبنيات، مع ضرورة احترام الملكية الخاصة والاحتكام إلى القانون.
وتطرح هذه الوقائع تساؤلات جدية بشأن تدبير جماعة طنجة لملفات نزع الملكية، ومدى قدرتها على الالتزام بالضوابط القانونية وتفادي تكرار نفس الأخطاء، في ظل تعدد القضايا القضائية المرفوعة ضدها، والتي قد تُشكل نزيفًا ماليًا متواصلاً لا تتحمل تبعاته المدينة ولا دافعي الضرائب.