تشهد جهة طنجة-تطوان-الحسيمة نشاطًا اقتصاديًا متناميًا، حيث أظهرت الإحصائيات الأخيرة أن قطاع التجارة يتصدر قائمة المجالات الأكثر جذبًا للمقاولات الجديدة، إذ يستحوذ على 40% من إجمالي الشركات التي تم إنشاؤها حديثًا. ويعكس هذا المعطى مدى الحيوية التي يتمتع بها هذا القطاع، ودوره المحوري في دعم الاقتصاد المحلي من خلال توفير فرص الاستثمار والتشغيل، وتعزيز ديناميكية السوق على مستوى الجهة.
ويعود تفوق قطاع التجارة في استقطاب المقاولات الجديدة إلى عدة عوامل، من أبرزها الموقع الاستراتيجي لمدينة طنجة، التي تعد بوابة رئيسية بين أوروبا وإفريقيا، ما يمنحها ميزة تنافسية كبيرة في مجال التبادل التجاري. كما أن توفر بنية تحتية متطورة، مثل ميناء طنجة المتوسط، يسهم بشكل كبير في تسهيل العمليات التجارية ودعم المقاولات الناشئة. إضافة إلى ذلك، يشهد القطاع تحولات كبيرة بفضل التطور التكنولوجي وانتشار التجارة الإلكترونية، حيث أصبح العديد من المستثمرين الشباب يتوجهون نحو إطلاق مشاريعهم التجارية عبر الإنترنت، مستفيدين من تزايد الإقبال على التسوق الرقمي.
وإلى جانب العوامل الجغرافية والتكنولوجية، يلعب الإطار القانوني والاقتصادي دورًا مهمًا في تعزيز جاذبية قطاع التجارة. فالتسهيلات التي تقدمها الدولة لدعم المقاولين الشباب، سواء من خلال التمويل أو التكوين، تشجع المزيد من المستثمرين على ولوج هذا المجال. كما أن تنوع الأنشطة التجارية التي يمكن الاستثمار فيها، من تجارة الجملة والتجزئة إلى التوزيع والخدمات اللوجستية، يجعل من هذا القطاع بيئة خصبة لريادة الأعمال.
ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، فإن قطاع التجارة في جهة طنجة يواجه بعض التحديات، من بينها المنافسة الشديدة، والتغيرات المستمرة في سلوك المستهلكين، إلى جانب تأثيرات العوامل الاقتصادية العالمية على الأسعار وسلاسل التوريد. غير أن هذه التحديات تشكل في الوقت ذاته حافزًا للمقاولين على تبني استراتيجيات أكثر ابتكارًا وتنافسية، مثل التحول الرقمي وتطوير أساليب التسويق الحديثة.