أطلقت شركة التنمية المحلية “طنجة موبيليتي”، بطلب من السلطات المحلية، طلب عروض رسميًا لتوريد وتركيب وتشغيل مراحيض عمومية ذاتية التنظيف بمدينة طنجة، بكلفة إجمالية تقارب 15.5 مليون درهم، في إطار مشروع يروم تحسين الفضاء العمومي، وتجاوز واحدة من أقدم الإشكاليات التي تُسيء لصورة المدينة وتُقوّض شروط استقبالها للزوار والسياح.
و يندرج المشروع الذي أعلنت عنه الشركة تحت رقم 26/TM/2025، في إطار التحضير للاستحقاقات الرياضية الكبرى، وعلى رأسها كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030، إذ تسعى طنجة من خلاله إلى تدارك الخصاص الكبير الذي تعاني منه على مستوى المرافق الصحية العمومية، خاصة على امتداد كورنيش المدينة، أحد أكثر الفضاءات استقطابًا للساكنة والزوار.
و حسب المعطيات التقنية، سيتم فتح الأظرفة المتعلقة بهذا المشروع في جلسة عمومية يوم 21 ماي الجاري، بمقر الشركة، فيما يبلغ مبلغ الضمان المؤقت 280.000 درهم، وتتوفر وثائق المشاركة على البوابة الإلكترونية للصفقات العمومية. المشروع يخص مراحيض غير مرتبطة بشبكة الصرف الصحي، وتتمتع بنظام تنظيف آلي بعد كل استعمال، إلى جانب مطابقتها للمعايير البيئية والصحية الدولية.
وإن كانت طنجة تُسارع الزمن لاستدراك التأخر في توفير مثل هذه المرافق، فإن مدنًا مغربية كبرى مثل الدار البيضاء ومراكش سبق أن واجهت انتقادات حادة بسبب سوء أو غياب المراحيض العمومية، مما أدى إلى مظاهر سلبية تمس الصحة العامة وكرامة المواطنين. فعلى سبيل المثال، خصّصت الدار البيضاء سابقًا 60 مليون درهم لمشروع بناء مراحيض ذكية، لكن المشروع لم يُفعّل رغم إطلاقه منذ سنوات، ما أثار سخطًا واسعًا لدى الساكنة ودفع بعدد من جمعيات المستهلكين إلى إصدار بيانات استنكارية.
الوضع في المغرب، برمّته، يعاني من أزمة صامتة على مستوى الحق في الاستفادة من مراحيض عمومية لائقة. فرغم تراجع نسب التبرز في الهواء الطلق من 40% سنة 1990 إلى 9% اليوم، إلا أن أزيد من 3 ملايين مغربي لا يتوفرون على مراحيض ملائمة وآمنة، ويضطرون للجوء إلى حلول غير صحية، وهو ما يُشكّل تهديدًا مستمرًا للصحة العامة وكرامة الإنسان.
وقد شكّل غياب هذه البنية التحتية البسيطة، لكن الضرورية، أحد الأسباب التي حرمت طنجة سابقًا من احتضان قمة المناخ “COP22” سنة 2016، وهو ما أعاد طرح الملف على الطاولة، خاصة بعد دخول المدينة في عداد الحواضر المرشحة لاستضافة كبريات التظاهرات الدولية.
ويُمثل مشروع المراحيض الذاتية بطنجة اليوم خطوة جريئة في اتجاه تصحيح تراكمات الماضي، والرفع من مستوى الخدمات الحضرية الأساسية، بما يتماشى مع طموحات المدينة في أن تكون واجهة مشرّفة للمغرب. كما يشكّل هذا الورش دعوة صريحة لباقي الجماعات الترابية بالمملكة لإدراك أن مسألة المراحيض العمومية ليست ترفًا بل أولوية صحية وإنسانية، وركيزة أساسية في تخليق الفضاء العام