في مدينة طنجة التي تعرف دينامية عمرانية واقتصادية متسارعة، لا تزال إشكالية النقل الحضري تفرض نفسها كأحد أبرز التحديات اليومية التي يواجهها الآلاف من المواطنين، خاصة القاطنين في الأحياء الشعبية والمناطق الهامشية.
وبرغم الجهود المعلنة لتحسين البنية التحتية وتعزيز أسطول النقل العمومي، يبقى الواقع بعيدًا عن تطلعات السكان الذين يستفيقون كل صباح على هاجس الوصول إلى مقرات العمل أو الدراسة، في ظل ندرة الحافلات وازدحامها، وضعف تغطية الشبكة لمجالات واسعة من المدينة.
وفي هذه المناطق يبدأ اليوم بانتظار قد يمتد لساعة أو أكثر، في محطات عشوائية، ووسط زحام لا يرحم. تمر الحافلات، غالبًا ممتلئة عن آخرها، غير قادرة على التوقف أو استقبال ركاب جدد. وبين الإحباط المتكرر والخوف من التأخر، يجد الكثيرون أنفسهم مرغمين على اللجوء إلى وسائل نقل موازية، مكلفة وغير مضمونة، تثقل كاهل ميزانيات أسر بالكاد تفي بحاجياتها الأساسية.
ولا تتعلق المسألة فقط بضعف الخدمة بل كذلك بغياب التوزيع العادل لها بين الأحياء، مما يكرّس نوعًا من التفاوت في الحق في التنقل، ويطرح تساؤلات جدية حول العدالة المجالية والإنصاف في توزيع البنى التحتية والخدمات العمومية.
ويعيش سكان حي أرض الدولة مثالًا واضحًا على هذه المعاناة، حيث يعانون من نقص ملحوظ في وسائل النقل، سواء الحافلات أو سيارات الأجرة الكبيرة (طاكسي كبير)، مما يجعل الوصول إلى العمل أو المؤسسات التعليمية تحديًا يوميًا يتطلب مجهودًا إضافيًا، سواء من حيث الوقت أو التكلفة.
وفي ظل هذا الوضع ترتفع أصوات ساكنة هذه الأحياء مطالبة بحلول واقعية ومستدامة تُعطي الأولوية لتوسيع شبكة النقل العمومي، وتحسين جودته، وتعزيز احترام مواعيده، بما يضمن للمواطنين حقهم الأساسي في التنقل بكرامة.
وإن توفير نقل حضري لائق ليس ترفًا، بل هو ضرورة حيوية لتحقيق التنمية العادلة، وشرط أساسي لضمان الإدماج الاجتماعي والاقتصادي لجميع الفئات، دون استثناء.